مناسبةُ الآيةِ الكريمة {أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)} لـمَا قَبْلَها؟ سورة البقرة



بسمِ اللهِ الرَّحمَن الرَّحيم...
6) قولُهٌ تعالىٰ: {الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَالَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِمَا أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَمَا أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4) أُولَئِكَ عَلَى هُدًى مِنْ رَبِّهِمْ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5)}
مناسبةُ الآيةِ (5) لـِمَا قَبْلَها؟

• "ولـمَّا أخبرَ عن أفعالهِمُ الظَّاهرةَ والباطنةَ؛ أخبرَ بـ(ثمرَتها)؛ فقالَ: {أُولَئِكَ}؛ أيِ: الموصُوفونَ بتلكَ الصِّفاتِ الظَّاهراتِ!
ولـمَّا تضمَّنَ ما مضىٰ أنَّ (إيمانَهُمْ) كانَ مِنْ أعظَمِ استدلالٍ؛ فأثمرَ لهمُ التَّمسُّكَ بأوثقِ العرىٰ من الأعمالِ؛ استحقُّوا الوصْفَ بالِاستعلاءِ الذي معناهُ (التَّمكُّنَ)؛ فقالَ: {عَلَى هُدًى}؛ أيْ: عظيمٍ!
وزادَ في تعظيمِهِ؛ بقولِهِ: {مِنْ رَبِّهِمْ}؛ أيِ: المحسنِ إليهِمِ؛ بتمكينِهِمْ منهُ، ولزومِهِمْ لَهُ -تمكينٌ: مِنْ عَلَا علَى الشَّيءِ-.
ولـمَّا لم يلازِمِ الهُدَى الفَلاحُ؛ عطفَ عليهِ قولَهُ؛ مشيرًا بالعاطفِ إلىٰ مزيدٍ تمكُّنِهِمْ في كُلٍّ مِنَ الوَصْفَينِ: {وَأُولَئِك}؛ أيِ: العالُو الرُّتْبَةَ.
{هُمُ}؛ أيْ: خاصَّةُ {الْمُفْلِحُونَ}؛ أيِ: الكامِلُونَ في هَٰذا الوصْفِ؛ الَّذينَ انْفتَحَتْ لهُم ْوجوهُ الظَّفْرِ!
والترّكيبُ دالٌّ علىٰ معنَى (الشَّقِّ والفتْحِ)،  وكذا أخواتُهُ مِنِ (الفَاءِ والعينِ)؛ نحو: فلجَ بالجيمِ، وفلقَ، وفلذ، وفَلىٰ" اهـ‍
"نظم الدُّرر في تناسب الآيات والسُّور"، (ج1/ ص: 36)، ط1 (1415هـ‍)، دار الكتب العلميّة.
- - -
الخميس 10 شعبان 1436هـ